شاطئ غزة

 

مذكراتي لرحلتي في غزه

 

أهلها نشامة و رجالها جبارة

غزه أيتها الأرض العزيزه طالما سمعت عنك وتهللت بمجدك وعزتك . اليوم تشاء الأقدار أن أطأ أرضك الطاهره بقدمي مع زوجي و أولادي ولكن تسللاً  كالهاربين و المخالفين!

هكذا أرادو لنا أن نكون غرباء في أوطاننا أو ليست كذلك!؟ أليست أرض الأباء و الأجداد أليست الأرض التي تحملنا لأجلها الصعاب في سبيل الحفاظ على حق العودة هي أرض الوطن!

في كل بيت مغترب تجد ما ورثه عن أجداده ليقال  “هذا مفتاح بيتي في فلسطين”. نعم جميعنا نحتفظ بآراضينا في فلسطين و لم نبيعها أبدا ولم يجرؤ أحد أن يتهم أهل غزه بالتخاذل او الاستسلام.

شاهدت في غزة

سمعت و سمعت و سمعت ولكن ماذا شاهدت! زيارة قصيره جداً ولكنها طويلة ومليئة بالأحداث والعلامات الفارقة في حياتي وحياة أولادي.

– من البداية، نفق ، طريق وعرة ، تسلل، لقاء مع الغاليين الذين طال فراقهم و انفطر القلب توقا لرؤيتهم.

-الهواء جمييييل جدا وعليل خصوصا في طريق البحر ما عدا منطقة الوادي الي تحبس الانفاس عند المرور عليها  لأن رائحة المجاري بها لا تطاق ولم يعد هناك اي تصريف آخر لغزه إلا هناك بعد آخر قصف على المنطقة.

-أمواج البحر رائعه وهديرها له رهبه عظيمة وكأن موتوراً ديناميكياً يحركها بقدرة الله عز و جل.

-بحر غزه غدااار سمعت عن غدرك حتى  مع أمهر السباحين ! لم أجرؤ على السباحة بك ولكن منظر البحر ومشهد الامواج لن يمسح من ذاكرتي.

-الشوارع الرئيسية القليلة مسفلته و ممهده للسيارات.

-اشارات مرور تحترم قوانينها.

– عساكر مرور تتظم الطريق وتحاسب المخالفين.

– البيوت اغلبها متهالكه جدا وقديمة تشعر ان الزمن عاد بك الى الوراء ٥٠ عاما وانت تمشي في شوارعها!

– لا تأمن الناس لغدر الصواريخ والقصف فلا تكلف نفسها عناء تشطيب واجهات البنايات ويكتفون فقط بالاعتناء ببيوتهم من الداخل بأحدث الديكورات و الاثاث! فمن المألوف جدا أن ترى منزلا او بناية كبيره واجهتها اسمنتيه متهالكه و آثار القصف و الشظايا واضحة في كل مكان و في نفس الوقت البيوت من الداخل مرتبة و راقية و بعضها تزهو بديكورات مميزه.

 

– اللهجة و طريقة الكلام

غَزاااااوي بالفتحة و بالمده!! لهجة ثقيلة و غريبة نوعا ما!! هذا ما كان يجعلني مختلفة! احاول كثيرا تعديل طريقتي بالكلام ولكن كنت أشعر من عيون الناس اني غريبة! مما كان يؤلمني ان اكون غريبة في بلدي! فأنا كما يسمونني مغتربه!

– الحياة الاجتماعية 

– فطور غزة. طعم جديد و نكهة مميزه للفول والحمص والفلافل بأي فلسطينية. طبق الحمص بشيكل واحد و ٨ حبات فلافل  بشيكل واحد و ربطة الخبز اللذيذ ايضا بشيكل ما ألذه من فطور مع اغلى الاحباء!

 الفواكه و الخضروات لها طعم اخر في فلسطين و كأن لها اسم اخر غير الذي نشتريه من السوبر ماركت حيث نقيم ٫ فالمشمش و الخوخ و البرتقال كان على الشجره المجاوره منذ قليل ، تأكلها لتتذوق طعم حياة لذيذة و مختلفة

–  الشارع والدكان ، كم كانت من مفاجأه جميله لأطفالي عندما رأو الاطفال الصغار يعتمدون على انفسهم و ينزلون بكل الاوقات بكل امان ليشترو الحلويات او اغراض البيت!

– الحي كله يسأل من يكونون الزوار الجدد  مفهوم جديد لم نعتاد عليه! انه يسأل بائع المحل من انت وما اسمك و من اي عائلة؟ لم نسطيع ان نستوعب انه غزه كلها عائله واحده كبيره يعرف اي احد فيها الجميع!

– الشباب و التعليم ، يسعد القلب برؤية الشباب المتعلم الحاصل على اعلى الشهادات في شتى المجالات ، من الملاحظ جدا ان عدد الخريجات من البنات اكبر بكثير من الاولاد!

-“قداحتين بشيكل…… اشتري مني الله يخليكي”  هكذا كان ينادي الطفل الصغير في ازقة سوق الساحة. لا استطيع ان اتذكره بدون ان تدمع عيناي! رآيت الكثير من الاطفال يبيعون في بلاد أخرى ولكن لم اراها في بلدي! لم اراها في وجه ولد كان من الممكن ان يكون ابني او ابن اخي! كم احسست بالشفقة عليه و بالفخر به ، فعلا اطفال غزه رجال من مصغرهم لا يسعك القول سوى ماشاء الله على حسن التربية و قوة الشخصية و الاعتماد على النفس. لاحظت بنفسي كيف الاطفال يستجيبون لكلام اهاليهم كأنها اوامر و بدون نقاش و تلكك. من العادي جدا على الاطفال سواء كانو كبار او صغار ان يساعدو الام في الاعمال المنزلية جميعها ورعاية الاخوه الصغار،  اطفال غز ه هديه واحده تكفيهم و خروجهم لفسحه مره واحدة في الاسبوع تكون اجمل ما يكون! اتمنى ان نستطيع ان نربي اولادنا في الشتات على هذه المفاهيم الجميلة.

– العائلات والاخوه والارحام!!! نرى مختلف المفاهيم ولكن اغلبها مع الاسف ينعكس عليها طابع الغيره والحسد و المشاحنه!  كما قالت لي احداهن “لا تصدقي كل ما ترينه امامك ، فكل هذا مظاهر وهناك من يظهر الوجه الاخر عند غيابك!”

وايضا سمعنا عبارة ” لا يغرك اجتماع العائلة حواليك ، وقت الحاجة لا يسأل علينا احد”!! ولكن هذا الكلام لا يعمم على الجميع ابدا!

– كثرة الضغوط والتحديات التي تحيط في المنطقة اثرت بشكل كبير على جفاف المشاعر بين الناس ، لا احد يعذر احد ، الكل ينظر الى مافي يد الاخر، الغيبة الحسد الغيرة نقل الكلام عادات سيئة متفشيه في كل مكان.

ما ان تتحاور مع بعض نساء غزه حتى تشعر انك اصبحت فريسة لهم او رهينة للاستجاوب وتحاول التهرب من الاجابه على اسئلتهم المباشره والحساسة التي لا يمكن ان تطرح في مجتمعات أخرى!!! فهم لا يجدون حرجا من التدخل بالسؤال عن الدخل و الراتب و بكم اشتريت منزلك و كم تدفع لسيارتك او مدرسة اولادك او غيرها ٫ والحياة الشخصية أيضا مفتوحة بالنسبة لهم مثل الاسئلة عن الزواج او الطلاق او الانجاب!

 

– الحماية والكنة!!!

 أسطورة أهل الزوج والسيطرة!! هذا ما يحدث في كل البيوت تقريباً ، الكنة تتبع حماتها ولا تزور احدا الا بصحبتها! و تقوم بعمل كل أعمال المنزل لراحة حماتها وأهل زوجها! واعتبار ذلك واجب وليس معروفا!!!

-كثرة او قلة الانجاب والاطفال

 يحبون الانجاب و الاولاد مع انهم مشتتين و نادرا ما تجد في اي عائلة فلسطينية اجتماع افراد الاسرة في بلد واحد وكأنه حكم عليهم الشتات!

جميع الكبار بالسن يفضلون الانجاب بكثرة والعزوة يفتخرون بكثرة الاولاد وبالذات الذكور ، متوسطي العمر لهم سياسه اخرى في الموضوع حيث قال احدهم، ان كنت تعيش في غزه فعليك ان تنجب اولاد كثيرا تحسبا لشهادة أحدهم و لاعداددهم للجهاد لمن يحتسبون انفسهم واولادهم لله تعالى. بينما ان لم تكن تعيش في غزة فعليك الاكتفاء باثنين او ثلاثة بالكثير حيث أن أعباء الحياة وتكاليفها أكبر و الاخطار أقل!! ولكن كل هذا وذاك بيد الله.

ومنهم من يعتقد أن “عائلة صغيرة تعني حياة سعيدة

وتجد الجيل الجديد في غزة يكتفي بعدد ٤ من الأطفال بحد اقصى بعد ان كان معدل الأطفال بالعائلة على الأقل ٦ !!!

 

-الأحزاب أو التنظيمات أو الاتجاهات السياسيه!

 

الفتنة العظمى في المنطقه والطعم الذي زرعه اليهود ليفرقونا ولنكره بعضنا ، يفكرون بتعصب لكل شئ ” ان لم تكن معي فأنت ضدي” التفاهم والتعايش وقبول الاخر ثقافه نعرفها بالكلام فقط

حماس / فتح

انقسمت التوجهات ابناء العائلة الواحده لا يجتمعون على طاوله غداء واحده لأن كل واحد من حزب مخالف!!

لنقسم الناس في غزه على حسب المصالح! نعم وهل يحرك الناس شيء اخر غير المصالح!

       – التجار ، أصحاب العقارات والأملاك ، موظفين السلطة المحتسبين > فتح

       – الموظفين ، المدرسين ، المجاهدين > حماس

تسمع من الجميع وتحتار من تصدق! كل فئة تسب و تهين الأخرى!

حماس ترفع راية الدين وتطبيق الشريعة ولكن  يحتسب عليها بعض الاخطاء لتتهم بالتحيز والفساد في بعض الامور، تتحكم بشكل كبير بالانفاق

فتح تتبع ابو مازن و السلطة الخارجية ، واسطات المعابر وتنظيم الهويات! كل ما له علاقه باسرائيل ، ممثلين فتح يتبعونه.

-الكثير والكثير من محتسبين السلطة الوطنية يستلمون رواتب شهريه مقابل انتسابهم و ولاءهم لفتح و هم جالسين في بيوتهم! بطالة مقنعة!!!

– حماس ترعى عائلات الشهداء و تقر راتب الشهيد ساريا لعائلته الى ان يكبر اصغر طفل للشهيد.

– حماس تقر الاختبارات والمسابقات للحصول على الوظائف والامتيازات ولكن الاخرين يشككون بنزاهتها و يتهمونها بالتحيز لاتباع حماس.

 

-مواطن / لاجئ

مفهوم تعصبي صدمني ولم احب ان اراه في بلدي أبدا لأن هذا ما اعاني منه في السعوديه  ” سعودي/ اجنبي” ، تصنيف اخر في غزه للناس حتى يعرف من هم ملاك الاراضي ومن هم اهل البلد الاصلين و من هم اللاجئين الذين هربو الى غزة من المدن والقرى المجاورة ايام الحرب!!! وعاشو يعملون عند اهل غزه و اشترو فيها بيوت و ربو اولادهم فيها ومازال يقال عنهم لاجئين وهم في بلادهم!

يحسدوهم على اعانه وكالة الاونروا التي لازالت تمول مدارس وعلاج واعاشه لبعض فئات اللاجئين! ولكن مما يقرونه اهل غزه انفسهم انه اللاجئين هم الذين اخذو على عاتقهم هم الجهاد والمقاومة!

– الكهربااااء

نحن في عام ٢٠١٣ والتكنولوجيا تتصاعد بسرعة صاروخية في العالم . ولكن غزة مازالت تعاني!!!!

لا يمكن  ان تعيش في غزة يوما واحدا بدون ان تحفظ الجدول! نعم جدول قطع و وصل الكهرباء كل ٨ ساعات في كل منطقة لها جدولها!!! لكم ان تتخيلو ان انقطعت الكهرباء في اي بلد خليجي او اجنبي ماذا يحدث من ذعر ! حيث ان البيوت هناك ليست مجهزه لمثل ذلك لندرة انقطاع الكهرباء!

لكن في غزه الامر عادي يشبه شروق الشمس ومن ثم غروبها!! الناس متعايشة ومتكيفه مع الواقع المرير !!! البطاريات و الموتورات اصبحت من اساسيات تجهيز اي منزل ليحل ازمة الكهرباء! والفقير الذي لا يقدر على شراءها !! عليه ان يتحمل الحر و الظلام والاعطال!

لك ان تتخيل حرارة الصيف وانت صائم بدون تكييف! وان تسعد بهواء المروحة ان وجدت وتقول ان الجو جميل!!! نعم لقد كان جميل او على الاقل كنت احسه كذلك رغم الحر!

هل تستطيع الاستحمام بالشتاء بدون سخان للماء!! الغساله تعمل فقط عندما تعمل الكهرباء لان لا البطاريه ولا الموتور يتحملان عمل الغساله او التكييف او غيرها !! تعلمت في غزه ان اقرأ ما يكتب على كل جهاز الكتروني ما يتحمله من جهد كهربائي ذلك لأن لم استطع استخدام المكوايه الصغيره لكواء ملابسي لانها ذات ٨٠٠ واط و بطاريه المنزل تتحمل فقط ١٠٠٠ واط لجميع الاستعمالات مما يعني انه يجب الاستغناء عن الانوار والمراوح والشواحن!!! اعتقد من يقرأ هذا الكلام ممن لم يزورو غزه ينتابهم حاله من الذهول لأنهم لا يتخيلون حياتهم بدون دقيقه في انقطاع الانترنت!!

عفوا لازعاجكم ولكن هكذا يعيشون أهل غزه!!!

-الحصاااار والمعاناة

صدق من قال ” الحاجة أم الاختراع” واسألو أهل غزه! هم فقط من يعرفو كيف يخبزون بدون غاز ويدرسون بدون نور و ينامون بدون تكييف!!!

اهل غزه عاشو وقت الحصار حياة اوليه تقشفية لم يرى مثلها احد! حتى النقود لم تكن عون في تلك الفتره لعدم توفر ما يشترى بها!

لديهم قدرة غير عاديه على الاختراعات البديله!! هل تصدق ان السيارة ممكن ان تمشي بشيء اخر غير البنزين!!! او بدون مشتقات البترول!!!

صدق او لا اصدق فتكاسي غزه كانت تعمل بزيت الذرة المتبقي بعد قلي الفلافل!!! ما ازكى الرائحة في كل الشوارع.

مذكرات خاصة : 8/6/2012